تصويب لغوى خاطئ إبراهيم عوض
- Ibrahim Awad
- Sep 16, 2021
- 7 min read
تصويب لغوى خاطئ
إبراهيم عوض
يخطِّئ الأستاذ محمد العدنانى، فى أول تصويبة من تصويبات كتابه المسمى: "معجم الأخطاء الشائعة"، التركيب التالى: "لا يدرى إبراهيم أجاء وسيمٌ أم تميمٌ"، والصواب فى رأيه أن نقول: "لا يدرى أَوَسيمٌ جاء أم تميم" بتقديم "وسيم" على "جاء" باعتبار أن الحيرة هنا هى بين "وسيم" و"تميم"، وليست بين "جاء" و"تميم". وهذا هو التنطس فى أسوإ صوره، إذ من قال إننا فى الجملة الأولى نعبر عن حيرتنا بين "جاء" و"تميم"، وهى حيرة غير متصوَّرة أصلا ولا يمكن أن تخطر على بال أحد إلا من يتأذَّوْن من النسيم العليل؟ ثم إن أصل الكلام فى الجملة الأولى هو "لا يدرى أجاء وسيم أم جاء تميم"، ثم حذفنا "جاء" الثانية. ذلك أن "تميم" معطوف على "وسيم"، و"وسيم" فاعل للفعل: "جاء"، والمعطوف على شىء يأخذ حكمه، وما دام "وسيم" فاعلا فـ"تميم" يُرْفَع مثله ويدخل معه فى الفاعلية سواء كررنا الفعل: "جاء" أو لم نكرره. وبهذا تنتهى المشكلة التى خُلِقَتْ خلقا بدون أى داع سوى الرغبة فى التحرش بمستعملى اللغة وإشعارهم أنهم فى كل الأحوال مذنبون، ولا بد أن يتلقَّوْا نصيبهم من التقريع.
ومن يدرى فقد لا يكتفى أولئك المقرِّعون بالتقريع الكلامى بل ينتقلون فى مرحلة لاحقة إلى التقريع بالمِقْرَعة، وهى عصا رفيعة مشقوقة كان الرجل الواقف على باب السيد البدوى الجنوبى الشرقى المؤدى إلى المقام يضربنا بها فوق رؤوسنا ونحن داخلون المسجد لا يميز بين كبير وصغير ولا فقير وغنى ولا رجل وامرأة. فالكل مضروب مضروب مضروب. ولست فى الواقع أدرى السبب فى ذلك، وأتصور أن الناس كانت ترى فى هذه الضربة لونا من البركة. شِى الله يا سيّد! وبهذا كره ناس كثيرون النحو والصرف ولم يعودوا يطيقونهما. ثم ألا تكفى القواعد العامة والتمرس بأساليب كبار الكتاب والأدباء والشعراء حتى نرهق الناس من أمرها عسرا وشدة وخنقا فيكرهوا الحياة ويتشهَّوُا الموت فلا يجدوه؟ ومن يا ترى يستطيع أن يتذكر كل تلك التفاصيل السخيفة التى لا منطق فيها ولا علم ولا ذوق سوى التلذذ المرضى بتخطئة الآخرين على أى حال وفى أى وضع؟
ثم لقد لاحظت أن كثيرا ممن يقولون: "هذا خطأ، وذاك خطأ، وذلك خطأ، وهذاك خطأ، وهذلك خطأ، وذَيَّاك خطأ" سرعان ما ينسَوْن ما قالوه ودمدموا به فى وجوهنا وارتكسوا هم أنفسهم فيما عابوه وزَرَوْا على الآخرين بسببه. وكم لاحظت وأنا أناقش طلاب الماجستير والدكتوراه أن بعض المناقشين ينفش ريشه ويخطئ الطالب فى أشياء كثيرة لا أظنها أبدا أخطاء، بل هم حفظوها من كتب التخطئة والتصويب كما هى عميانيا دون تذوق أو إعمال عقل، ثم بعدها على الفور يقعون فيما أخذوه على الطالب دون خجل أو إحساس بالذنب. وبعض الزملاء يستغربون منى هذا الذى يَرَوْنه تساهلا، وما هو والله بتساهل بل مجرد تيسير انطلاقا من أن اللغة مرنة وأن القواعد العامة تسمح لنا بالكثير، لكن بعض الغيارى على اللغة للأسف لا يريدون هذه السماحة الكريمة منها بل يعملون على إغلاق كل المنافذ والشبابيك والأبواب والخَوْخَات ومَسْمَرتها بالمسامير الحدادية وخنقنا نحن مستعمليها خنقا لا أمل لنا فى الخلاص منه.
50 comments
جزاك الله خيرا دكتور إبراهيم
· ·
Reply
5 h
لا فض الله فاكم أستاذنا الجليل ... لقد بلغ السيل الزبى وأصبحت عبارة :(قل ولا تقل) سيفا مسلطا في يد أصحاب العاهات النفسية والأمراض الذهنية
·
Reply
5 h
ايهاب المقراني كلنا نصوِّب ما نراه خطأ، وأنا واحد من هؤلاء، لكنى أقول إن هذا هو ما أتصوره الصواب، وقدأكون مخطئا، فإذا كان هناك شىء لا أعرفه فأمدونى به فأتراجع فى الحال عما أقول. كما أننى لا أحبِّكها بل كلما وجدت للكلام وجها قبلته على العين وعلى الرأس
1
Reply
5 h
· · · · · محمد عوض الشرعة
تخطئة لغوى بصائب
· ·
Reply
5 h
بارك الله فيكم فضيلة الدكتور
أنا أيضا ككل ذي فطرة سليمة أهوى التيسير فيما لا يضاد قاعدة من قواعد العلم ..
فقط أنقل ما وقع تحت نظري وله علاقة مباشرة بموضوع ( البوست )
قال الأستاذ محمد أحمد مرجان المدرس بكلية الفرير بالقاهرة في كتابه مفتاح الإعراب ط٤ ١٩٦٣مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولاده ص٦
" لا يصح أن يقال أسافر زيد أم عمرو لأن المسئول عنه هو ما يلي الهمزة فيقال في الاستفهام عن الشخص المسافر أزيد سافر أم عمرو وعن الفعل أسافر زيد أم قام وعن الحال اراكبا جئت أم ماشيا وعن المفعول أعنبا أكلت أم تفاحا ، وهكذا .( انتهى )
فهل فعلا الاستخدام العربي الصحيح هو أن ما يلي الهمزة هو المسئول عنه ولا يصح سوى ذلك ، أم أنه يمكننا التصرف في التعبير بغرض التيسير ؟؟
وشكرا جزيلا لحضرتك
·
Reply
5 h
وحتى لو كان الأمر كما جاء فى الكتاب المذكور، وقد رأيته مرارا، وقد تكون عندى نسخة منه، فيكون الكلام حسب ذلك التوجيه هو كما قلت: :"أجاء وسيم أم جاء تميم؟"، أى أننا حيارى بين مجيئين. قد يقال: لكن الحيرة لا تكون بين مجيئين، فنقول: إنهما ليسا مجيئين مطلقين …
See more
1
· ·
Reply
5 h
قال المتنبى: ولست أبالى بعد إدراكى العلا *** أكان تراثا ما تناولت أم كسبا ---------- وكما ترى الحيرة بين "كونين" كما أن الحيرة فى المثال السابق هى بين مجيئين
2
· ·
Reply
5 h
Edited
ومثله قول ابن قتيبة فى "أدب الكاتب": "ولا تبالِ أكان أصله الواو أم الياء".
1
· ·
Reply
5 h
Ibrahim Awad تمام بارك الله فيك .
لكن يظل السؤال : كيف ملك هؤلاء الجرأة على أن يطلقوا القول هكذا بأن المسئول عنه لابد أن يلي الهمزة إذا كان الاستقراء لا يخدمهم فقد كسره المتنبي كما أوضحتم ؟؟
· ·
Reply
5 h
وفى "نفح الطيب" للمقرى: "فلا أدرى أكان قبل استقرارهم بالأندلس أم بعده"
1
· ·
Reply
5 h
Ibrahim Awad الحقيقة أنا مستمتع بهذا الاسترسال فضيلة الدكتور .. نفع الله بكم
· ·
Reply
5 h
المتنبى: "وللنفس أخلاق تدل على الفتى *** أكان سخاء ما أتى أم تساخيا"
1
· ·
Reply
5 h
أبان اللاحقى: أَكانَ العَبدُ مِن فَوقٍ *** أَمِ الفَوقُ هُوَ المَولى
لَقَد عَمَّهُما اللَعنُ *** فَأَولى لَهُما أَولى
1
· ·
Reply
5 h
ابن الرومى: أكنتُ قذاةَ العين دونَ الألى دُعُوا = أم السوءةَ السوآء في ذلك الحفلِ؟
1
· ·
Reply
4 h
السرى الرفاء:
أكانَ فِراقُك المُشجِي زِيالاً = فآمُلُ منك عَطفاً أم زَوالا
1
· ·
Reply
4 h
Edited
ناصح الدين الأرجانى:
أكانَ النّبِيُّ وراء السُّجو = ف يرمُز بالدّين لمّا أتى
ويأخُذُ أَخْذَ المُريبِ العُهودَ = بكَتْمِ العقيدةِ إذ تُبتلَى…
See more
1
· ·
Reply
4 h
Ibrahim Awad لا أود إرهاقكم .. لكن لا نمل
من الاستفادة منكم ..
لو وقعنا على فعل غير ( الكون ) بعد الهمزة لكانت ( القاضية ممكن ) …
See more
· ·
Reply
4 h
طارق لزم لا دى عاوزة أفشة مش براهيم عوض
2
· ·
Reply
4 h
Edited
Ibrahim Awad أضحك الله سنك يادكتور وبارك عمرك ..
· ·
Reply
4 h
طارق لزم تركيب الكلام هنا شىء آخر. قال مالك بن أسماء عن بعض نسائه:
أَمغَطّىً مِنِّي على بَصرِي للحُبِّ = أمْ أنتِ أكملُ النّاس حُسْنا؟
Reply
4 h
· · · · · خليل العروبا
من المعروف أن اللغة صناعة. منهم من يجيد صناعته ومنهم لا يجيدها. والمناقش يستحي أن لا يبدي شيئا يخطئ الصانع. ولو لم يجد عيبا في الصناعة ماذا سيقول؟ هل سيقول المصنوع بدون عيوب. لم تحدث في العالمين أكتع. لا بد من البحث بين السطور لتعمد اظهار العيوب.
· ·
Reply
5 h
بوركت جهودك أستاذنا ونفع الله بك وبعلمك
· ·
Reply
5 h
أحسن الله إليكم دكتور
· ·
Reply
5 h
بوركتم أستاذنا الكريم كتب تصويب الأخطاء تحتاج لتصويب
·
Reply
4 h
توجيه رائع ورد بديع
· ·
Reply
4 h
كتاب "معجم الصواب اللغوي" يوافق العدناني على تخطئته.
ألفه فريق بقيادة د. أحمد مختار عمر.
وهو رحمه الله من أكثر المتساهلين تساهلاً في اللغة.
حتى إنه ليقول بقول طه حسين : اللغة ليست حكراً على عنترة وامرئ القيس.
وحتى إنه ليصوّب الكلمة لورودها في ما كتب نجيب محفوظ أو أنيس منصور.
.
فإذا كان أشد المتساهلين تساهلاً يخطّئ ما تصوبه أنت دكتورنا الحبيب ..
فانظر إلامَ آلت حالك في التساهل اللغوي !
·
Reply
4 h
فعلا لاحظت أن د. أحمد مختار عمر ييسر اللغة إلى حد بعيد لا أصل أنا إليه. لكن المسألة لا توضع على هذا النحو الذى وضعته، بل علينا أن ننظر فى الحيثيات التى يوردها المصوِّب أو المخطئ، وإلا فالأهلى مثلا يهزم الزمالك، والزمالك يهزم السكة الحديد، فتأتى السكة الحديد وتهزم الأهلى. كيف؟ فهل نقول إن الزمالك لا بد أن يعد منتصرا على الأهلى. انظر إلى ما قاله كل منا، وأنت بالخيار: تقبل هذا أو ذاك أو ترفضه. أما أن تصدر حكما نظريا هكذا فلا. فقد أكون متشددا فى مسألة يتساهل فيها غيرى، ثم أتساهل فى مسألة أخرى يتشدد فيها غيرى. العبرة فى كل حالة بفحص الحالة على حدة... مع تحياتى. وربما كنت أنا المخطئ، نعم ربما، لكنى مقتنع أنى على صواب. ولهذا أتمسك برأيى لا عنادا بل لأن هذا ما أدى إليه عقلى واقتناعى ليس إلا. ثم لقد سقت شواهد متعددة إلى جانب التحليل النحوى الذى أوردته للتركيب المختلف حوله. ومرة ثالثة قد أكون أنا المخطئ، لكنى للمرة الثالثة أيضا أتصور أنى المصيب
2
· ·
Reply
4 h
Edited
قَالُوا: أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ؟ بنفس الطريقة سنقول إن الموازنة هنا بين المجىء وإبراهيم (أنت). فهل هذه طريقة فى التحليل صحيحة؟
1
· ·
Reply
4 h
وانظر قول رب العزة فى هذه الآية: أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ؟
1
· ·
Reply
4 h
وقال سبحانه: أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ؟
1
· ·
Reply
4 h
وقال جل جلاله: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ؟
1
· ·
Reply
3 h
وقال عز شأنه: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ؟
1
· ·
Reply
3 h
وقال تعالى: وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا؟ (لاحظ فى الآيات الكريمات كيف أن التركيب فيها يختلف عما اشترطه أ. العدنانى)
1
· ·
Reply
3 h
قُلْ: آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ؟
1
· ·
Reply
3 h
Ibrahim Awad كيف يتكون مذهب ثالث؟ مثلا أحدهم ينون ويحذف والثاني لا ينون ولا يحذف والثالث يحذف ولا ينون.
· ·
Reply
3 h
فى "البيان والتبيين" للجاحظ: "أسألك بالله: آلحجاج اليوم أحبُّ إليك أم قبل اليوم؟" == كما ترون: لا بد من التقدير فى كل ما مضى من شواهد. بل إن التراكيب تختلف أحيانا بين الشواهد التى أوردتها هنا وبين ما قاله الأستاذ العدنانى
· ·
Reply
3 h
Edited
وهذا البيت أيضا يجرى على تركيب مختلف عما اشترطه أ. العدنانى ويحتاج إلى تقدير: أعن زلة أعرضت أم أنت عاتبة= فأعتبكم إن كنت في لوصل راغبة (من كتاب "التحف والظرف" للتميمى)
· ·
Reply
3 h
وفى "التحف والهدايا" للخالديين: "سأل سؤال مستثبت عن الحُمُر: أهى أُتُنٌ أم ذكور؟"... وعلى مذهب أ. العدنانى يحب أن يقال: "أذكورٌ هى أم أتن؟". أليس كذلك؟
Reply
3 h
· · · · · Hani Mahmoud
أحسنت أستاذنا الفاضل. نفع الله بكم وبعلمكم
· ·
Reply
3 h
( من "التذكرة الحمدونية" لابن حمدون): لا أدرى أيأمر بى إلى الجنة أم إلى النار". وعلى مذهب أ. العدنانى يجب أن يقال: "أإلى الجنة يأمر بى أم إلى النار".
3
·
Reply
3 h
Edited
أحسنت أحسن الله اليكم أستاذنا النبيل
Reply
3 h
· · · · · Ibrahim Awad
عمر بن أبى ربيعة: أمن آل نُعْمٍ أنت غادٍ فمُبْكِرُ = غداة غدٍ أم رائح فمُهَجِّرُ؟ وعلى مذهب أ. العدنانى كان يجب عليه أن يقول: أغادٍ فمبكرٌ أنت من آل نعم أم رائح فمهجِّرُ؟
2
·
Reply
3 h
بارك الله فيك يا دكتور
· ·
Reply
2 h
·
Reply
2 h
محمد عوض الشرعة وهكذا تكون التعليقات: إفادات لم نكن على معرفة بها. والطريف أن إحدى حججى فى تصويب ما يخطئه المصوبون أنه ما دام له وجه من الصحة فلا معنى لإنكاره، هذه الحجة قد قالها ابن جنى طبقا للبحث الذى وضعت هنا رابطه، ولا أذكر أنى قرأت هذا عند ابن جنى…
See more
Reply
55 m
· · · · · محمد عوض الشرعة
وهناك ردود لصلاح الزعبلاوي عليه في مجلة التراث العربي
· ·
Reply
2 h
Edited
ولهذا ألف د. أحمد مختار عمر ومعه فريق من الباحثبن "معجم الصواب اللغوي" ليسد الباب أمام المتنطعين من مؤلفي كتب الأخطاء ومن يقرع الناس بمقرعة التخطئة. عليه رحمة الله.
Comments